مؤتمر السيد المجاهد وتراثه العلمي

زخرت سماء العلم والمعرفة في تاريخ الشيعة بنجومٍ لامعة، يهتدي بسناها الضالّون، ويقتدي بهداها المسترشدون، حملوا راية الحقّ ومشعل الهداية، وصدّوا عن الجهل والغواية، وقد أنجبت مدرسة أهل البيت^ جهابذة الفقهاء، وأفذاذ العلماء، على مرّ العصور وكرّ الدهور، بالرغم من الكبت والتضييق والمخاوف، ممّا لاقته الشيعة دون غيرها من الطوائف، وكانت القرون الأربعة الأخيرة في تاريخ الشيعة من ألمع القرون تطورّاً وازدهاراً، وأكثر الحقب رجالاً، وأثرى الأدوار نتاجاً؛ حيث تزدحم فيها فطاحلُ العلماء وأساطينُ الفقهاء، ويزخر فيها التراثُ بالعطاء، ممّا يستوجب علينا تكثيفَ الجهود العلميّة لإحياء ذكراهم، من خلال تقديم الأبحاث والدراسات، وإقامةِ المؤتمراتِ والندواتِ، عن أبرز تلكم الشخصيّات، وأهمّ أولئك العلماء والأعلام.

وهذا الأمر لم يكن ممكنا طوال ثلاثة عقود مظلمة عاشها العراق في ظل النظام الاستبدادي الذي حاول طمس آثار الكثير من العلماء ومنع طباعة الكتب الخاصة بالشيعة إلا ما ندر وكذلك منع انشاء مراكز التحقيق والدراسات ولكنها سرعان ما انبثقت بعد زواله، ومما يؤسف له لم يتم توثيق ما جرى لعلماء الشيعة من قتل وتهجير وحرقه لمكتباتهم خلال فترة حكمه حتى كأن الزمن قد طوى هذه الصفحة المؤلمة من التأريخ دون تدوينها كما طويت العديد منها دون معرفة ما جرى على أبناء الشيعة الإمامية وعلمائهم.

واليوم بفضل المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحيسيني السيستاني (دام ظله الوارف) بادرت إدارة العتبات المقدسة إلى لحظ هذا الجانب المهم بضرورة إحياء آثار الأعلام والاستفادة من النتاجات الكبيرة وجعلها متاحة للباحثين وطالبي العلم فكان هذا المؤتمر في إحياء ذكرى السيد المجاهد وطبع مؤلفاته التي زادت على العشرين عنوان تضمنت 30 مجلد فضلا عن البحوث التي تجاوزت الخمسين بحثا.

     

من هو السيد المجاهد

تعتبر شخصية السيّد محمّد الطباطبائيّ الحائريّ الملقّب بـ: المجاهد ألمع نجوم القرن الثالث عشـر وقد وُصِف بأنه الفقيهُ المتتبِّع، الأصوليُّ المتضلِّع، العلّامةُ المتبحِّر، والمصنِّفُ المكثر، جمع اللهُ في شخصيّته الكريمة جوانبَ فذّة، وخصائصَ عِدّة، منها: الحسبُ الوضّاحُ والنسبُ العريقُ، فوالدُهُ الفقيه الأصوليّ السيّد عليّ الطباطبائيّ الحائريّ، صاحب كتاب رياض المسائل، وجدُّهُ لأُمّه مرجع الطائفة في عصـره، الوحيد البهبهانيّ، المعروف بـ: أستاذ الكلّ، وزعيم الحوزة العلميّة، وأستاذُهُ وأبو زوجته الفقيه الكبير السيّد محمّد مهدي الطباطبائيّ، الملقّب بـ: بحر العلوم.

وهو يلتقي في نسبه بأُسر علميّةٍ كآل بحر العلوم، وآل الطباطبائيّ البروجرديّ، ويمتّ بالصلةِ إلى أفذاذِ العلماء، وأساطينِ المجتهدين، أمثال العلّامة المجلسيّ، صاحبِ بحار الأنوار، والملّا محمّد صالح المازندرانيّ، صاحب كتاب شرح أُصول الكافي، وقد صقلتْ شخصيّتَهُ العلميّةَ، بما تميّز به من نُبوغٍ وذكاء مبكّر، حتّى قطعَ أشواطَ التحصيلِ في مدّةٍ وجيزة، فدرسَ في حوزةِ كربلاء المقدّسةِ على الفقيه والده، وفي النجفِ الأشرف العريقةِ على الفقيه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، وفي الكاظميّةِ المقدّسةِ على الفقيه السيّد محسن الأعرجيّ، وألقى عصى الترحال في حوزة إصفهان، فصار من كبارِ أعلامها ومدرِّسيها.

وقد آلت إليه المرجعيّةُ بعد وفاةِ والدهِ زعيمِ حوزةِ كربلاء المقدّسة، فخلفَهُ في الزعامة، واجتمعَ عليه طلّابُ أبيه، والتفّتْ حولَه أماثلُ الطلبةِ، فتسنّم زعامةَ الحوزةِ العلميّة، وتسلّمَ مهامّ المرجعيّةِ الدينيّة، فكانت تردُه الأسئلةُ الشـرعيّة والاستفتاءاتُ الفقهيّة من شتّى أقطارِ الدول الإسلاميّة، وصدرت رسالتُه العمليّة التي سمّاها: إصلاح العمل، والتي تُعدّ من أهمّ الكتب الفتوائيّة، ومن أهمّ الحوادث التاريخيّة في سيرة السيّد المجاهد هي فتوى الجهاد التي أطلقها لحماية ثغور الشيعة، والذبّ عن أعراضهم وأموالهم، وتُعدّ أهمَّ حدثٍ في حياته الشريفة، ومنعطفاً تاريخيّاً مهمّاً في سيرته، بل في تاريخ الشيعة، وعلى أساسها عُرف ولُقّب بـ: المجاهد.


وقد خلّف سيّدنا المجاهد كمّاً هائلاً من التراث العلميّ، أهمّها موسوعته الفقهيّة الشهيرة التي سمّاها المناهل، وموسوعته الأصوليّة التي سمّاها: مفاتيح الأصول، وغيرها من مصنّفاته المهمّة، نحو: الوسائل الحائريّة، الذي دوّن فيه أهمّ القواعد الأصوليّة والفقهيّة، وكتاب المصباح الباهر في إثبات نبوّة نبيّنا الطاهر’، وكتاب عمدة المقال في تحقيق أحوال الرجال، ورسالة الأغلاط المشهورة، التي تصدّى فيها لتصحيح الأخطاء العقائديّة التي تدور على الألسنة، من غير تحقيق.

 

هدف المؤتمر

يتسآءل البعض عن السبب في اختيار مركز الشيخ الطوسي (قد) للدراسات والتحقيق شخصية السيد المجاهد للحديث عنه وإحياء أثره، فذلك يعود إلى كون المكانة العلمية للسيد المجاهد وما حفلت به حياته الشخصية من أدوار لم ينقلها لنا التاريخ ولعلها غُيِّبت أو اندثرت عبر سنين طويلة لأكثر من مئتي عام.

ومن العجيب أنّ مصنّفات السيّد المجاهد لم تُطبع وتُحقّق طبعاتٍ علميّة حتّى الآن، والأعجب أنّنا لم نجد كتاباً، أو دراسةً، أو أطروحة، أو مقالةً علميّة عن السيّد المجاهد في المكتبة العربيّة، والفارسيّة، والأجنبيّة، سوى النتف التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، بل وجدنا المصادرَ التاريخيّة شحيحةً بالمعلومات عنه، مضافاً إلى اشتمال بعضها على الأخطاء والهفوات، كما وعثرنا على كلماتٍ وأقاويل غير دقيقةٍ بشأن الفتوى الجهاديّة، وهذا ما يؤكّد بوضوح أهمّيّة إقامةِ هذا المؤتمر.

وكان من أهمّ أهداف المؤتمر: تسليطُ الأضواء على الجوانب المغفولة من سيرة السيّدِ المجاهد وحياتِه، وتسليطُ الأضواء على تراثه العلميّ، وإبراز أهمّيّته، وتحقيق أهمّ مصنّفاته ونشرها، ودراسةُ الدور الرياديّ في الجهاد للسيّد المجاهد، والردُّ على الشبهات المزيّفة والملفّقة التي تنال من حركته الجهاديّة، وبيانُ عمق تراثنا الفقهيّ والأصوليّ وسعته، والاستفادةُ منه في الأبحاث والدراسات المعاصرة.

ويأتي عزم مركز الشيخ الطوسيّ (قدس سره) للدراسات والتحقيق على إقامة مؤتمرٍ علميٍّ دوليّ، عن السيّد محمّد المجاهد الطباطبائيّ؛ إحياءً لذكراه، وتخليداً لجهوده الجبّارة، ورفداً للمكتبة الإسلاميّة، وسدّ الثغرات العلميّة، عِبر تسليط الأضواء على مختلف جوانب حياته، وسيرته، وشخصيّته العلميّة والجهاديّة.


محـــاور المؤتــمر

تضمن مؤتمر السيد المجاهد عدد من المحاور المهمة التي دعت إليها اللجنتين العلمية والتحضيرية بغية جمع كل ما يتصل بهذه الحقبة الزمنية المهمة من التاريخ وفق شروط وآليات حددتها اللجنة المنظمة، ولأجل تبيان معالم المؤتمر فقد تبنت اللجنة الدعوة للكتابة في محاور مختلفة كان أهمها:

1. الدراسات الفقهية.

2. علوم اللغة العربية.

3. الدراسات الأصولية. 

4. الفهارس والببليوغرافيا.

5. الدراسات الكلامية.

6. الدراسات التأريخية.

7. علوم القرآن والتفسير.

8. التراجم.

9. علوم الحديث والرجال.


مؤتمر أسبوع الإمامة الدولي

تقيم الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، لعقد مؤتمرها العلمي الأول حول الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، ويُقام تحت شعار "النبوة والإمامة صنوان لا يفترقان".

 ويندرج ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي الأول الذي يحمل شعار (النبوة والإمامة صنوان لا يفترقان) وبعنوان (الإمامة نظام الأمّة).


وستنطلق فعاليات المؤتمر يوم السبت المقبل (19 ذو الحجة 1444هـ) الموافق (8 تموز 2023م)، وسيتضمن جلستين بحثيتين الأولى صباحية والأخرى مسائية تناقش فيها الأبحاث باللغة العربية في رحاب جامعة العميد، أمّا في قسم التربية والتعليم العالي فستناقش فيه الأبحاث باللغة الإنجليزية وعلى جلستين صباحية وأخرى مسائية، بمشاركة عدد من الباحثين من داخل العراق وخارجه.


ويتضمن أسبوع الإمامة عقد سبعة مؤتمرات تدور حول أكثر من ثلاثين محورًا، منها (قرآنيا، حديثيا، فكريا، عقديا، فقهيا، أصوليا، سياسيا، اجتماعيا، تربويا، نفسيا، لغويا، أدبيا، تاريخيا، استشراقيا) فضلا عن المحاور المتعلقة بعلامات الظهور.


وتتضمن فعاليات الأسبوع إقامة سبع مسابقات ثقافية وفنية هي، (مسابقة الأفلام القصيرة، مسابقة الفنون البصرية للشباب، المسابقة الشعرية، مسابقة الخط، مسابقة المقالة الأدبية، مسابقة البوستات الفنية ومقاطع الفيديو القصيرة، مسابقة القصة القصيرة)

ألفية تأسيس الحوزة العلمية في النجف الأشرف

تعلن الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة عن اطلاق فعاليات المؤتمر العلمي العالمي بمناسبة ألفية تأسيس الحوزة العلمية في النجف الأشرف المزمع عقده في عام 1448 للهجرة،


وستتضمن الفعاليات سلسلة من الندوات والمؤتمرات التمهيدية تنطلق من سنة 1445 للهجرة، مع تبنّي الهيأة مشاريع متعددة تحت محاور عديدة، أهمها:


1-تحقيق مؤلفات الشيخ الطوسي (قدس سرّه) ولا سيما كتابي تهذيب الأحكام والاستبصار.


2-تحقيق شروح وحواشي مصنفات الشيخ الطوسي(قدس سرّه).


3-دراسات عن شخصية الشيخ الطوسي وتراثه العلميّ.


4-إبراز تراث ثلّة من أساطين الحوزة العلميّة في النجف الأشرف، دراسةَ وتحقيقاً.


5-دراسة أثر حوزة النجف الأشرف في مختلف العلوم.


6-تسليط الضوء على تأثير النجف الأشرف في مختلف الحواضر العلميّة الأخرى.


مع العلم أنّ مركز الشيخ الطوسي(قدس سرّه) للدراسات والتحقيق قد شرع قبل أكثر من عامين بإعداد ببليوغرافيا بجميع مخطوطات مصنفات الشيخ الطوسي (قدس سرّه) وشروحها وحواشيها، كما تمّ الشروع بتحقيق كتابي تهذيب الأحكام والاستبصار بعد الحصول على أهمّ مصوّرات مخطوطاتهما، إضافةً إلى مجموعة كبيرة من الأعمال المهمّة التي تندرج في محاور المؤتمر



الورش العلمية

هي سلسلة اجتماعات تعليمية وتدريبية تقوم على أساس التفاعل والمشاركة بين الملقي والمتلقّي لتبادل المعلومات والخبرات في موضوعات تخصّ إحياء التراث المخطوط بما يتعلّق بالتحقيق والمحقّقين للوصول إلى خلاصات ونتائج وتوصيات.

إذ يسعى مركز الشيخ الطوسي للدراسات والتحقيق الى تأصيل العمل التحقيقي عبر إقامة العديد من ورش العمل بما يضمن نجاح العمل التراثي المتقن.

ويواصل عقدها لعدد من الاستاذة المختصين في مجال التحقيق من أجل الاستفادة من مهاراتهم وخبرتهم الطويلة في هذا المجال.

أما اهداف هذه الورش العلمية فيمكن القول انها تهدف إلى تحسين أداء المحققين في أعمالهم التحقيقية و إكسابهم مهارات جديدة للتعامل مع النصوص وكذلك تقديم حلول لأبرز المشاكل التي يتعرض لها المحقّق، كلّ ذلك من أجل بناء خطة عمل محكمة يسير عليها المحقق في تحقيق المخطوطات فضلا عن تنمية روح العمل الجماعي في نفوس المحققين وتبادل الخبرات فيما بين المحققين من خلال طرح الأسئلة والأجوبة والإشكالات والإفادة منها.