انطلقت أعمال المؤتمر الدوليّ السنوي ّالحادي عشر لفكر الإمام الحسن المجتبى (الجلسة الحوزوية)، وتحت عنوان : الإمام الحسن (عليه السلام) منهج رسالي.
نظّم المؤتمر مركز الشيخ الطوسي ّللدراسات والتحقيق التابع للهيأة العليا لإحياء التراث في العتبة العباسية المقدسة بحضور عدد ٍمن أعضاء مجلس إدارة العتبة المقدسة وشخصيات دينيّة وأكاديميّة.
وأقيمت فعاليات المؤتمر في قاعة الشيخ الانصاريّ في مجمع المرتضى الفكري في محافظة النجف الاشرف.
وشهد افتتاح المؤتمر آيٍ من الذكر الحكيم، تبعها كلمة مركز الشيخ الطوسيّ للدراسات والتحقيق ألقاها جناب السيد عبد الحكيم الصافي، وتلى ذلك الجلسة البحثية لعدد من الباحثين من داخل العراق وخارجه، برئاسة جناب الشيخ سلام الناصري.
حيث ألقى السيد أحمد زيد الموسوي من دولة الكويت بحثه الموسوم بعنوان ( نقد الفصل الثاني من كتاب خلافة أمير المؤمنين الحسن بن علي للكاتب عمرو بسيوني).
والورقة البحثية الثانية كانت للسيد محمد قاسم الحسني الحبّوبي ( شبهات صلح الإمام الحسن عليه السلام وعلاجها في تراث السيد جعفر مرتضى العاملي طاب ثراه).
وجاء بعده بحث للشيخ فاضل الحلّي وعنوانه ( دراسة نقديّة لبحوث مؤتمر الإمام الحسن (عليه السلام): محور بحوث التفسير وعلوم القرآن).
أمّا البحث الرابع فقد تناول ( انعكاس مسألة مطلاقية إمامة الإمام الحسن (عليه السلام) في الدراسات الفارسية) للشيخ محمد جعفر الإسلامي من إيران.
وختام الجلسة الحوزوية للمؤتمر السنوي الحادي عشر لفكر الإمام الحسن المجتبى (ع) كان بحث للشيخ حسن يوسف بن نخي من دولة الكويت بعنوان ( أثر الصلح في إظهار مكارم أخلاق الإمام المجتبى ).
وفي نهاية المؤتمر تمّ إزاحة الستار عن كتاب (دليل البحوث والدراسات العلمية حول الإمام الحسن عليه السلام في المجلات العلمية والمؤتمرات والندوات)من قِبَل السيد نائب الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة الأستاذ المهندس عباس موسى أحمد، وعضو مجلس إدارة العتبة العباسية المقدسة سماحة السيد ليث الموسوي. وتكريم الباحثين وأعضاء اللجنة التحضرية للمؤتمر.
زخرت سماء العلم والمعرفة في تاريخ الشيعة بنجومٍ لامعة، يهتدي بسناها الضالّون، ويقتدي بهداها المسترشدون، حملوا راية الحقّ ومشعل الهداية، وصدّوا عن الجهل والغواية، وقد أنجبت مدرسة أهل البيت^ جهابذة الفقهاء، وأفذاذ العلماء، على مرّ العصور وكرّ الدهور، بالرغم من الكبت والتضييق والمخاوف، ممّا لاقته الشيعة دون غيرها من الطوائف، وكانت القرون الأربعة الأخيرة في تاريخ الشيعة من ألمع القرون تطورّاً وازدهاراً، وأكثر الحقب رجالاً، وأثرى الأدوار نتاجاً؛ حيث تزدحم فيها فطاحلُ العلماء وأساطينُ الفقهاء، ويزخر فيها التراثُ بالعطاء، ممّا يستوجب علينا تكثيفَ الجهود العلميّة لإحياء ذكراهم، من خلال تقديم الأبحاث والدراسات، وإقامةِ المؤتمراتِ والندواتِ، عن أبرز تلكم الشخصيّات، وأهمّ أولئك العلماء والأعلام.
وهذا الأمر لم يكن ممكنا طوال ثلاثة عقود مظلمة عاشها العراق في ظل النظام الاستبدادي الذي حاول طمس آثار الكثير من العلماء ومنع طباعة الكتب الخاصة بالشيعة إلا ما ندر وكذلك منع انشاء مراكز التحقيق والدراسات ولكنها سرعان ما انبثقت بعد زواله، ومما يؤسف له لم يتم توثيق ما جرى لعلماء الشيعة من قتل وتهجير وحرقه لمكتباتهم خلال فترة حكمه حتى كأن الزمن قد طوى هذه الصفحة المؤلمة من التأريخ دون تدوينها كما طويت العديد منها دون معرفة ما جرى على أبناء الشيعة الإمامية وعلمائهم.
واليوم بفضل المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحيسيني السيستاني (دام ظله الوارف) بادرت إدارة العتبات المقدسة إلى لحظ هذا الجانب المهم بضرورة إحياء آثار الأعلام والاستفادة من النتاجات الكبيرة وجعلها متاحة للباحثين وطالبي العلم فكان هذا المؤتمر في إحياء ذكرى السيد المجاهد وطبع مؤلفاته التي زادت على العشرين عنوان تضمنت 30 مجلد فضلا عن البحوث التي تجاوزت الخمسين بحثا.
من هو السيد المجاهد
تعتبر شخصية السيّد محمّد الطباطبائيّ الحائريّ الملقّب بـ: المجاهد ألمع نجوم القرن الثالث عشـر وقد وُصِف بأنه الفقيهُ المتتبِّع، الأصوليُّ المتضلِّع، العلّامةُ المتبحِّر، والمصنِّفُ المكثر، جمع اللهُ في شخصيّته الكريمة جوانبَ فذّة، وخصائصَ عِدّة، منها: الحسبُ الوضّاحُ والنسبُ العريقُ، فوالدُهُ الفقيه الأصوليّ السيّد عليّ الطباطبائيّ الحائريّ، صاحب كتاب رياض المسائل، وجدُّهُ لأُمّه مرجع الطائفة في عصـره، الوحيد البهبهانيّ، المعروف بـ: أستاذ الكلّ، وزعيم الحوزة العلميّة، وأستاذُهُ وأبو زوجته الفقيه الكبير السيّد محمّد مهدي الطباطبائيّ، الملقّب بـ: بحر العلوم.
وهو يلتقي في نسبه بأُسر علميّةٍ كآل بحر العلوم، وآل الطباطبائيّ البروجرديّ، ويمتّ بالصلةِ إلى أفذاذِ العلماء، وأساطينِ المجتهدين، أمثال العلّامة المجلسيّ، صاحبِ بحار الأنوار، والملّا محمّد صالح المازندرانيّ، صاحب كتاب شرح أُصول الكافي، وقد صقلتْ شخصيّتَهُ العلميّةَ، بما تميّز به من نُبوغٍ وذكاء مبكّر، حتّى قطعَ أشواطَ التحصيلِ في مدّةٍ وجيزة، فدرسَ في حوزةِ كربلاء المقدّسةِ على الفقيه والده، وفي النجفِ الأشرف العريقةِ على الفقيه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، وفي الكاظميّةِ المقدّسةِ على الفقيه السيّد محسن الأعرجيّ، وألقى عصى الترحال في حوزة إصفهان، فصار من كبارِ أعلامها ومدرِّسيها.
وقد آلت إليه المرجعيّةُ بعد وفاةِ والدهِ زعيمِ حوزةِ كربلاء المقدّسة، فخلفَهُ في الزعامة، واجتمعَ عليه طلّابُ أبيه، والتفّتْ حولَه أماثلُ الطلبةِ، فتسنّم زعامةَ الحوزةِ العلميّة، وتسلّمَ مهامّ المرجعيّةِ الدينيّة، فكانت تردُه الأسئلةُ الشـرعيّة والاستفتاءاتُ الفقهيّة من شتّى أقطارِ الدول الإسلاميّة، وصدرت رسالتُه العمليّة التي سمّاها: إصلاح العمل، والتي تُعدّ من أهمّ الكتب الفتوائيّة، ومن أهمّ الحوادث التاريخيّة في سيرة السيّد المجاهد هي فتوى الجهاد التي أطلقها لحماية ثغور الشيعة، والذبّ عن أعراضهم وأموالهم، وتُعدّ أهمَّ حدثٍ في حياته الشريفة، ومنعطفاً تاريخيّاً مهمّاً في سيرته، بل في تاريخ الشيعة، وعلى أساسها عُرف ولُقّب بـ: المجاهد.
وقد خلّف سيّدنا المجاهد كمّاً هائلاً من التراث العلميّ، أهمّها موسوعته الفقهيّة الشهيرة التي سمّاها المناهل، وموسوعته الأصوليّة التي سمّاها: مفاتيح الأصول، وغيرها من مصنّفاته المهمّة، نحو: الوسائل الحائريّة، الذي دوّن فيه أهمّ القواعد الأصوليّة والفقهيّة، وكتاب المصباح الباهر في إثبات نبوّة نبيّنا الطاهر’، وكتاب عمدة المقال في تحقيق أحوال الرجال، ورسالة الأغلاط المشهورة، التي تصدّى فيها لتصحيح الأخطاء العقائديّة التي تدور على الألسنة، من غير تحقيق.
هدف المؤتمر
يتسآءل البعض عن السبب في اختيار مركز الشيخ الطوسي (قد) للدراسات والتحقيق شخصية السيد المجاهد للحديث عنه وإحياء أثره، فذلك يعود إلى كون المكانة العلمية للسيد المجاهد وما حفلت به حياته الشخصية من أدوار لم ينقلها لنا التاريخ ولعلها غُيِّبت أو اندثرت عبر سنين طويلة لأكثر من مئتي عام.
ومن العجيب أنّ مصنّفات السيّد المجاهد لم تُطبع وتُحقّق طبعاتٍ علميّة حتّى الآن، والأعجب أنّنا لم نجد كتاباً، أو دراسةً، أو أطروحة، أو مقالةً علميّة عن السيّد المجاهد في المكتبة العربيّة، والفارسيّة، والأجنبيّة، سوى النتف التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، بل وجدنا المصادرَ التاريخيّة شحيحةً بالمعلومات عنه، مضافاً إلى اشتمال بعضها على الأخطاء والهفوات، كما وعثرنا على كلماتٍ وأقاويل غير دقيقةٍ بشأن الفتوى الجهاديّة، وهذا ما يؤكّد بوضوح أهمّيّة إقامةِ هذا المؤتمر.
وكان من أهمّ أهداف المؤتمر: تسليطُ الأضواء على الجوانب المغفولة من سيرة السيّدِ المجاهد وحياتِه، وتسليطُ الأضواء على تراثه العلميّ، وإبراز أهمّيّته، وتحقيق أهمّ مصنّفاته ونشرها، ودراسةُ الدور الرياديّ في الجهاد للسيّد المجاهد، والردُّ على الشبهات المزيّفة والملفّقة التي تنال من حركته الجهاديّة، وبيانُ عمق تراثنا الفقهيّ والأصوليّ وسعته، والاستفادةُ منه في الأبحاث والدراسات المعاصرة.
ويأتي عزم مركز الشيخ الطوسيّ (قدس سره) للدراسات والتحقيق على إقامة مؤتمرٍ علميٍّ دوليّ، عن السيّد محمّد المجاهد الطباطبائيّ؛ إحياءً لذكراه، وتخليداً لجهوده الجبّارة، ورفداً للمكتبة الإسلاميّة، وسدّ الثغرات العلميّة، عِبر تسليط الأضواء على مختلف جوانب حياته، وسيرته، وشخصيّته العلميّة والجهاديّة.
محـــاور المؤتــمر
تضمن مؤتمر السيد المجاهد عدد من المحاور المهمة التي دعت إليها اللجنتين العلمية والتحضيرية بغية جمع كل ما يتصل بهذه الحقبة الزمنية المهمة من التاريخ وفق شروط وآليات حددتها اللجنة المنظمة، ولأجل تبيان معالم المؤتمر فقد تبنت اللجنة الدعوة للكتابة في محاور مختلفة كان أهمها:
1. الدراسات الفقهية.
2. علوم اللغة العربية.
3. الدراسات الأصولية.
4. الفهارس والببليوغرافيا.
5. الدراسات الكلامية.
6. الدراسات التأريخية.
7. علوم القرآن والتفسير.
8. التراجم.
9. علوم الحديث والرجال.