المدارس الدينية ما قبل القرن العاشر الهجري
img-load

١-مدرسة المقداد السيوري (السليمية)


تقع هذه المدرسة في سوق المشراق احدى محلات النجف الاشرف مقابل مسجد الصاغة المعروف.


ويقول الشيخ جعفر محبوبه «ان الذي يظهر من خطوط بعض طلابها على بعض كتبهم المخطوطة انها كانت مسكونة بالطلاب الدينيين في اوائل القرن التاسع الهجري.

فقد شوهد على كتاب (مصباح المتهجد) المخطوط للشيخ الطوسي وكان عند المغفور له المرزا حسين النايئني ما نصه: «كان الفراغ من نسخه يوم السبت ١٢ جمادي الاولى سنة ٨٣٢ هـ على يد الفقير الى رحمة ربه وشفاعته عبد الوهاب بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن السيوري الاسدي بالمشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام وذلك في مدرسة المقداد السيوري(1)».


وهذه المدرسة باقية حتى اليوم وقد تغير اسمها وصارت تعرف اليوم باسم المدرسة السليمية نسبة الى بانيها الثاني (سليم خان الشيرازي) فإنها تهدمت بالاهمال فعمرها هذا المحسن سنة ١٢٥٠ فنسبت اليه».


وقد دخلناها فوجدناها مدرسة صغيرة لا تتجاوز مساحتها (١٠٠) مترمربع، وشاهدنا ستة حوانيت قد اقتطعت منها ليصرف ريعها على ما تحتاجه من كهرباء وماء واجور خادم، واصلاحات اخرى. والمنقول انه كان لها اوقاف ما لبثت اغتصبت وقد كتب على بابها الخارجي بالقاشاني انها عمرت (اصلحت) بهمة السيد ابي القاسم (الوكيل السابق) في سنة ١٣٤٠ هـ وهذا هوآخر تعمير لها.


أما غرفها فعشر وأما عدد طلابها فائنا عشر وكلهم من المهاجرين الواردين من الخارج.


والسيوري الباني الأول لهذه المدرسة هوالشيخ جمال الدين ابوعبد اللّه المقداد بن عبد اللّه ابن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الاسدي الحلي صاحب كتاب (كنز العرفان) في فقه القرآن وهو من أجل تلامذة الشهيد الاول وفخر المحققين. وقد توفي سنة ٨٢٨هـ في عام الفراغ من بناء المدرسة وعليه فإن هذه المدرسة التي بقيت حتى اليوم وان كانت قد تغيرت معالمها عدة مرات لتعتبر من أقدم مدارس النجف.


مدرسة الشيخ عبد الله


تعتبر مدرسة الشيخ عبد اللّه من أقدم المدارس التي وصلنا خبرها والتي يعود تأريخ وجودها الى منتصف القرن العاشر الهجري وقد عرفت بكونها معهدا مهما يقصده طلاب العلم من كل مكان ويتلقون فيه علومهم والشيخ عبد اللّه هذا هوالمعروف بالملا وصاحب (الحاشية) في المنطق وهوالكتاب الذي تجيء قراءته بعد الفراغ من الفية ابن مالك في سلسلة الدروس القديمة.


والشيخ عبد اللّه هوابن شهاب الدين اليزدي وهوجد اسرة الملالي وهي أسرة نشأ فيها غير واحد من العلماء وكان منهم من جمع بين حكومة النجف وسدانة الحرم المقدس.


وقد كان الشيخ ملا عبد اللّه من ألمع العلماء وقد كانت مدرسته اشهر مدرسة علمية عرفت في زمانها، أما موقعها فقد كان في محلة المشراق.


ويقول الشيخ جعفر محبوبة عن هذه المدرسة ان بعض المتتبعين للآثار من النجفيين قد عينوا موقعها من هذه المحلة وهي الآن دار لبعض السادة الاشراف وكانت معرسا لاهل العلم في أيام المقدس الاردبيلي (رض) ومن كان بعده من العلماء(2).


أما كيفية بناء هذه المدرسة وما قبلها من المدارس فأغلب الظن انها تختلف عن ابنية المدارس التي استحدثت بعدها لما قد دخل بعد ذلك على المدارس من هندسة جديدة وريازة خاصة جاء بها الصفويون لان اغلب البيوت كانت تتألف من طابق واحد قبل القرن العاشر الهجري وان اكثر سقوفها كانت عبارة عن طبقات معقودة تملأ أعالي زواياها من السطح بالتراب، وتفتح في وسط سطح الغرفة فتحة صغيرة لينزل النور منها وذلك لقلة الشبابيك والكوى. وليس من البعيد ان يكون بناء المدارس يومذاك فيما يشابه هذه الابنية ولم يزل في النجف بيت يرجع تأريخه الى القرن الرابع الهجري والى العصر البويهي على ما يروي الراوون وهذا البيت واقع في شارع آل الحلومن محلة العمارة وكان ذات يوم مقرا للمطبعة العلوية وقد سكنه بعد ذلك آل الجزائري، وهوجد محكم بحيث قد يتعذر قبول رجوعه الى ذلك التأريخ على رغم ان هندسة بنائه من حيث القبب والسقوف متصفة بالصفات المتعارفة في ذلك العصر.


وحين جاء الصفويون ووسعوا بناء الصحن الشريف وأقاموا أول مدرسة حديثة في الصحن تغيرت هندسة المدارس منذ ذلك الحين كما بدأت تتغير هندسة البيوت تبعا لذلك التغيير.


المصدر: موسوعة العتبات المقدسة ، جعفر الخليلي ج7 ص 128-131

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  ماضي النجف و حاضرها ج 1 ص 85.
  2. ماضي النجف و حاضرها ج 1 ص 86.