وصف المدارس الدينية في النجف الأشرف
img-load

لا يستبعد ان يكون تأريخ قيام المدارس في النجف يبتدىء مع تأريخ الدراسة وان لم تكن لهذه المدارس بناية خاصة تسمى باسمها، ويكفي في ذلك أن يكون اجتماع بقصد تلقي الدرس، والوعظ، والمناقشة، والانشاد، وهذا ما كان يحدث في الاسواق كسوق عكاظ، وسائر اسواق العرب، ومسجد النبي في الحجاز، وكسوق المربد في البصرة ومسجد علي في الكوفة، وقد اشتهر هذا المسجد في الكوفة على غرار شهرة مسجد النبي في المدينة، بما استمع فيه المستمعون من آراء وافكار، وخطب، وموعظة، ودرس، وما أخرج من الفحول في مختلف العلوم، والفنون، وعلى هذا كان قيام أول مدرسة نجفية مرتبطا بقيام اول دراسة للعلوم اللسانية والعقلية والروحية في النجف وتأريخ هذه المدرسة قديم جدا، فكم من معاهد أدبية توارثت الحركة الفكرية معهدا بعد معهد مثل (عاقولا) الواقعة حول الكوفة اوهي الكوفة في الزمن القديم.


لقد كانت (عاقولا) مدرسة سريانية، وبقيت الى عهد الرومان في العراق وقد انتقلت اليها دراسات يونانية، ولما اندرست (عاقولا) نهضت الحيرة. فكانت واجهة كبرى للادب، ترى فيها الكثير من الافكار المبثوثة بين العاصمة الحيرة وما حولها من الديارات، وانتقل ما في الحيرة الى الكوفة ثم انتقل ما في الكوفة الى النجف(1) .


وأول ما نزل عليّ (عليه السلام) في العراق نزل الكوفة، ونزل مسجدها لا قصورها كما فعل غيره من الولاة، وقد اتخذ مسجد الكوفة مصلى له، ومعبدا ومدرسة يدرس ويخطب ويقضي فيه بين الناس، وقد تخرج من هذه (المدرسة) المدرسة العلوية أومدرسة الكوفة الكبرى امثال (ابي الاسود الدؤلي) و(عبد اللّه بن عباس) حبر الأمة، وقد قام بعد علي (عليه السلام) في التعهد بمدرسته اولاده واحفاده حتى جاء دور الامام الصادق (عليه السلام) وعلى قلة استيطان الامام الصادق (عليه السلام) بالكوفة فقد تخرج عليه علماء كثيرون حتى ألف الحافظ ابوالعباس ابن عقدة الهمداني الكوفي كتابا في اسماء الرجال الذين رووا الحديث عن الامام الصادق فذكر ترجمة أربعة آلاف شيخ(2).


واذا عرفنا سعة العلوم الاسلامية في الكوفة وشهرتها بالفنون الادبية اتضحت لنا قيمة مدرسة الكوفة التي انتقلت الى النجف وانتقل معها ما حملت الكوفة من الافكار المتبلورة بالدراسات السريانية والعربية والروحية الاسلامية وهي وان لم تكن مدارس على نمط هذا العصر من حيث البناء والمكان فهي مدارس على نمط عصرها من حيث الاجتماع في المساجد اوالساحات اوالاسواق والاستماع والمناقشة والمباهلة الادبية والقراءة والكتابة.


أما متى بنيت هذه المدارس بمثل هذه الهياكل المشتملة على الغرف والابهاء لسكنى الطلاب فليس من وسيلة الى تعيينه تعيينا مضبوطا ذلك. لان هذه


المدارس لم تكد تشيد ويقف عليها الواقفون بعض الاوقاف للانفاق عليها ثم يمر عليها بعض الزمن ويتقادم العهد حتى تتلف الاوقاف، اويستبد بها البعض، فلم يعد هنالك من ينفق عليها وتتهدم ولا يعود لها اثر اوبعض أثر، ثم تذوب بين البيوت وتصبح من الاملاك المشاعة بين الناس فلا يعرف عنها أحد شيئا.. !!


وهنالك عدة ادلة يستنبط منها القارىء ان عددا كبيرا من المدارس كان قد شيد في النجف ثم اضمحل.


يقول ابن بطوطه الذي زار النجف في سنة ٧٣٧ هـ، وهويصف الاسواق «... ثم سوق العطارين ثم باب الحضرة حيث القبر الذي يزعمون (كذا) انه قبر عليّ عليه السلام وبإزائه المدارس والزوايا، والخوانق معمورة أحسن عمارة وحيطانها بالقاشاني وهوشبه الزليج عندنا لكن لونه اشرق ونقشه أحسن» .


ثم يقول: «ويدخل من باب الحضرة الى (مدرسة عظيمة) يسكنها الطلبة والصوفية من الشيعة ولكل وارد عليها ضيافة ثلاثة أيام من الخبز واللحم والتمر مرتين في اليوم، ومن تلك (المدرسة) يدخل الى باب القبة... الخ(3)» .


وليس من شك ان عددا من المدارس كان قد شيد في النجف ثم اندثر باندثار البيوت ولم يصلنا من اخبار هذه المدارس إلا ذكرها عرضا وفي اثناء الرحلات كما ورد في رحلة ابن بطوطة، وكما ذكر زين العابدين الشيرواني في عرض ذكره لما أسسه السلطان محمد خدابنده، وابنه ابوسعيد، من أبنية وعمارات في النجف وقد عد من تلك العمارات احدى المدارس، وغير ذلك مما وجد مشروحا على هوامش الكتب من اسماء المدارس، ونحن نثبت هنا ما وقفنا عليه بطريق التتبع والبحث في الكتب وما وقفنا عليه بطريق السماع الموثوق بصحته، أوما وقفنا عليه بطريق المشاهدة والعيان من المدارس القديمة التي لم يبق لها اليوم غير الاسم، والمدارس التي لم تزل قائمة، اوالمدارس الحديثة التي لم يتطرق لها بعد تأريخ النجف الثقافي الحديث.


الحياة المدرسية لسكان المدارس الدينية


لكل مدرسة من مدارس النجف الدينية القديمة منها والحديثة انظمة خاصة تعينها صيغة الوقف، لان جميع هذه المدارس قد شيدت من الموقوفات التي وقفها العلماء، اوالمحسنون على طلاب الدين، ولكل مدرسة شروط خاصة يقبل بموجبها اسكان الطلاب في غرفها.


وأغلب سكان هذه المدارس من الغرباء الذين يؤمون النجف بقصد الدراسة ووصول مرتبة الاجتهاد وقد يقضون فيها عشرات السنين حتى يبلغوا المرام ويعودوا الى بلدانهم مزودين بالاجازات التي يمنحها لهم اساتذتهم من المراجع الروحانية الكبرى.


ومنذ الف سنة والنجف مزدحمة بالطلاب الذين يأتون اليها من مختلف الاصقاع، كالهند، والتبت، والافغان، وبلوجستان، وتركستان، وقفقاسية، وايران، وافريقيا الشرقية، ولبنان فضلا عن المدن العراقية.


وحين يقبل الطالب في المدرسة يعطى غرفة فيها وتكون هذه الغرف في بعض المدارس مفروشة ومجهزة بالكهرباء وذات منح نقدية تمنح للطالب في كل شهر اوفي كل موسم، وموائد تقام على حساب المدرسة في اوقات معينة وذلك تبعا لامكانية المدرسة، واوقافها، وازمانها اذ ان عددا من المدارس ليس لها مثل هذه الامتيازات ولا بعضها.


يقول السماوي في (عنوان الشرف) عن هذه المدارس:


فبعضها تكـــون ذات راتــب

ينفق في الشهر لكل طالب


وبعضها في الجمعات تجلو

مائــدة والباقـــيات تخلـــو(4)


ولبعض الطلاب في مختلف المدارس مخصصات يومية من الخبز يتناولها من الخباز، وراتب شهري تدفعه له المراجع الدينية كلا حسب مؤهلاته، وحسب امكان المرجع الديني الذي يساعده.


والبعض من هؤلاء الطلاب يأتون النجف وهم مزودون بجميع ما يحتاجون اليه فيستأجرون بيوتا مستقلة ويأتون معهم بعائلاتهم واطفالهم ويعيشون عيشة لا تشوبها شائبة من الاحتياج بفضل امكانية ذويهم، وآبائهم الذين ينفقون عليهم بسخاء، ويمطرونهم بالحوالات فلا يحتاج مثل هؤلاء سكنى المدارس إلا اذا قصد منهم أحد الانعزال عن البيت تهربا من ضوضاء الاطفال وزيارات العائلات، وان اغلب الذين ينزلون البيوت المستقلة وينفقون على انفسهم انفاق الموسرين هم الطلاب الايرانيون والترك والاذربايجانيون.


والطالب في المدرسة لا يفيد غير السكن للانصراف الى الدرس حين لا يتسنى له محل آخر يضمن مثل هذا السكن الهادىء المعد للبحث والدرس والتتبع، ومعظم طلاب هذه المدارس هم من الذين لم يتزوجوا بعد، ولم تخل هذه المدارس من طلاب نجفيين الى جانب الطلاب الغرباء ممن لا طاقة له على توفير مثل هذا الجو في بيته سواء كان متزوجا اوغير متزوج، لان معظم المدارس لا تفرق بين الطالب الغريب وغير الغريب، على ان هنالك مدارس خاصة ببلد معين كمدرسة (الايرواني) الخاصة بالترك من الطلاب ومدرسة (العامليين) الخاصة بالطلاب اللبنانيين على الاكثر، ومدرسة (الهندي) الخاصة بالطلاب الهنود.


أما الدروس فيتلقاها الطالب في خارج المدرسة في اكثر الاحيان وفي الاماكن التي يتخذ منها الاستاذ محلا للدرس كالصحن الشريف، اوالجوامع، اوالمساجد، فالطالب حر في اختيار استاذه، واخذ الدروس داخل المدرسة اوخارجها، لأن الدراسة في هذه المدارس ليست على مستوى واحد لتتألف منها صفوف، فالمدرسة ذات الغرف الستين مثلا قد يسكنها ستون طالبا وكل منهم في مراحل مختلفة ومستويات متباينة من الدرس والتتبع.


ولكل طالب مفتاح يفتح به باب المدرسة متى جاء، وحين يغلق باب الحرم في المشهد المقدس ليلا يكون الطلاب غالبا قد أموا مدارسهم، وترى معظم الغرف في هذه المدارس مضاءة الى وقت متأخر من الليل.


والطالب الغريب هوالذي يعد بنفسه طعامه في غرفته، وغالبا ما يكون هذا الطعام مؤلفا من الخبز، والتمر، واللبن، وقد روى الراوون روايات كثيرة عن عدد من كبار العلماء النابغين الذين عاشوا في مثل هذه المدارس على الخبز وحده، وكثير منهم من كان يطوي اليوم واليومين دون ان يحصل على قوت يومه ملتذا بالصبر، والفناء فيما هوفيه من التتبع. ولقد القى الدكتور زكي مبارك خطابا مرة في جمعية الرابطة العلمية في النجف مشيرا الى مثل هؤلاء الطلاب، وقال انه سبق له ان عاش نظير عيش الطلاب النجفيين، لانه لم يكن لديه ما يشتري به الرغيف الحار، فكان يكسر كسر الخبز اليابس بيديه، وأقسم في خطابه ان هذه الكسر قد جرحت مرة اصابعه، وهويعالج كسرها فسال منها الدم ومع ذلك فقد كان يمشي في الدرس والمطالعة كما مشى طلاب النجف منذ مئات السنين حتى الآن.. !!


ولطلاب العلم وسكان هذه المدارس عطلة يومين في الاسبوع وعطل أخرى في مواسم زيارات العتبات المقدسة فيقضون فيها هذه العطل بأنواع من الالعاب البريئة، واكثر مسارح متنزهاتهم تكون في الكوفة بين البساتين اذ يصحبون معهم بعض القطع من السجاد اوالبسط الخفيفة وديوانا أوديوانين من الشعر ويفترشون البساتين والحدائق وينصبون (سماور) الشاي ويفتحون ديوان الشعر ويبدوؤن بالتقفية، وفي الصيف ينتحون بعيدا عن الناس وينزلون النهر سابحين، وبين هؤلاء الطلاب عدد غير قليل من مهرة السباحين.


ولم تقتصر رياضة ارواحهم على تقفية الشعر بل يعمدون الى نظم الشعر ودخول المباراة وحل الاحاجي الشعرية والفكرية كما لم تقتصر رياضة ابدانهم على السباحة، وانما يعمدون الى ترويض ابدانهم بكل صنوف الرياضة من ركض وقفز وغير ذلك من الرياضات البريئة وكل هذا يفعلونه بعيدا عن انظار الطبقات الاخرى.


ومن امتع الرياضات عندهم زيارة المراقد المقدسة مشيا على الاقدام فكانوا يقطعون الطريق بين النجف وكربلا في ليلتين ولا يزيد متاعهم على أربعة اوخمسة ارغفة من الخبز وشيء من التمر.


وفي كربلا يحل بعضهم ضيفا على بعض اصدقائه من طلاب المدارس هناك كما يحل هذا البعض من طلاب كربلا ضيوفا عليهم عند زيارتهم النجف.


وفي امسية كل يوم ثلاثاء يقصد جمع غير قليل من هؤلاء الطلبة كما يقصد غيرهم مسجد الكوفة ومسجد السهلة وهما على مسافة تسعة كيلومترات فيسهمون في اداء طقوس من الصلاة والادعية بقصد الاستتابة ثم ليغيروا بذلك الجو الخانق الذي يحيط بهم ولينشطوا من عقال هذا الدرس الذي لا ينتهي.


وفي الاعراس العامة، ومجالس الفاتحة التي تقام للشخصيات الكبيرة والمآتم الحسينية مجال واسع للتنفيس عن انفسهم سواء باسهامهم في نظم الشعر تهنئة أوتعزية لوجه الشعر وللتسلية والمباراة ليس غير، اوبحضورهم هذه المجالس العامة ليستمتعوا بما يسمعون أوبمن يجدون من رفاقهم الذين تلهيهم دروسهم عن الالتقاء بهم في غير هذه المناسبات.


وهكذا كانت بالاجمال حياة هذه الطبقة من طلاب العلم، وسكان المدارس، ولم تزل تجري على هذه الوتيرة مع شيء من الفروق القليلة.


هندسة المدارس العلمية الدينية: لقد روعي في هندسة المدارس العلمية في النجف طبيعة البلد فكان لا بد من حساب (للسراديب) في اغلب ابنية المدارس وتقوم هذه السراديب في جهة واحدة من عمارة المدرسة اوجهتين اوالجهات الثلاث اوالجهات الاربع من العمارة ينزل اليها بواسطة سلالم، وتسمى بالسراديب الفوقانية في مصطلح النجفيين، وفي بعض المدارس الاخرى سراديب تقام تحت السراديب الفوقانية وهي ما تسمى بالسراديب (نيم سن) والكلمة فارسية معناها منتصف (السن) والسن طبقة من الرمل المتحجر ينحت فيه الناحت سردابا آخر، وهنالك من السراديب ما هوأعمق من (النيم سن) ويسمى بسرداب (السن) ويخفر (للسن) أو(للنيم سن) في وسط المدرسة حفيرة على هيئة متوازي الاضلاع بقطر مترين أوأقل من ذلك وفي عمق عشرين مترا أوأقل من ذلك لينفذ هذا الحفر من متوازي الاضلاع الى وسط السرداب بقصد ايصال النور وسحب الماء البارد الى الاعلى كما تحيط بالسراديب من اطراف اعاليها شبابيك لنفوذ النور والهواء، فضلا عن عدد من المنافذ الهوائية المتصلة من اعلى سطح العمارة بالسراديب الفوقانية وهي التي تسمى (بالبخاريات) ثم تبنى هذه السراديب في الغالب بالآجر وتزخرف وقد تترك سراديب السن على حالها وهي منحوتة من طبقة السن التي تشبه الصخور


أوتزين جدرانها بالآجر وقد تزين الجدران وارض السراديب بالكاشاني كما هو الحال في مدرسة السيد كاظم اليزدي.


وكثيرا ما تفتح في السراديب منافذ تتصل ببئر المدرسة اذ المفروض ان يكون في كل بيت وفي كل عمارة بئر ماء تتصل بالبئر المجاورة لها وهذه تتصل ببئر أخرى. وهكذا حتى تتجمع المياه في بئر كبيرة تستمد مياهها من نهر الفرات عن طريق قناة تجلب الماء من مناطق تسمى (بابوفشيكه) وقد قيل ان هندسة بناء السراديب في البيوت وفي المدارس قد انتقلت الى النجف من مدينة شوشتر لان طبيعتها تحاكي طبيعة النجف وتأريخ حفر السراديب في شوشتر قديم جدا وعلى اننا لا نعرف مبلغ صحة هذه الرواية في انتقال تصميم السراديب الى النجف من شوشتر فلسنا نستبعد ذلك.


ويتحول السكن في الصيف في وسط البيت اووسط المدرسة الى هذه السراديب وتتم فيها المطالعة وتناول طعام الغداء والقيلولة وقد تمسي في بعض ليالي الصيف عند اجتياح العواصف الرملية المدينة ملاذا للطلاب يقضون فيها الليل نياما.


وحين يراد بناء المدرسة تقام في كل ركن من اركانها القواعد الاساسية في اعماق مناسبة من السرداب وتقام اساطين واعمدة ترتفع من الاعماق حتى تبلغ سطح الدار فتوصل هنالك بين اسطوانة واخرى بطبقات تبنى بالاجر ويتألف من هذه الطبقات المتصل بعضها ببعض سقف السرداب وقد تعمل في هذا السقف من الزخرفة والاشكال الهندسية بالآجر ما يستلفت النظر.


وهنا يأتي دور الطابق الارضي اوالطابق الاول كما يسميه البعض بعد ان يكون السرداب قد تم بناؤه. والدور الاول اوالطابق الاول الذي يقوم على اسس السرداب عبارة عن عدة غرف تقام في الجوانب الاربعة اذ ان اغلب المدارس تكون مربعة الشكل اومستطيلة، تاركة وسط المدرسة فارغا لتؤلف صحنا واسعا كثيرا ما اقيم في وسطه حوض ماء كبير، وتبنى الغرف غرفة الى جنب غرفة حتى تستوعب الجهات الاربع وتكون مساحة كل غرفة تتراوح بين ٢-٥,٢ مترا مربعا او٢-٣ مترا مربعا وامام كل غرفة ايوان صغير في الغالب وهومسقف بسقف مسنم ومزين بزخرفة من الآجر اوالكاشاني فيستقل كل طالب بغرفة من هذه الغرف وايوانها المستقل.


وعلى هذه الوتيرة يجري بناء الطابق الثاني فوق الطابق الاول مع فارق بسيط تقتضيه المصلحة وهوان الغرف من الطابق الثاني تكون بدون أواوين لان هذه الاواوين من الاعلى تتحول الى ممر عام يخترقه الطالب في طريقه الى غرفته.


ومن الطابق الثاني يرقى الطالب بواسطة السلالم الى سطح المدرسة الواسع.


هذه بالاجمال هندسة المدارس التي دخلت النجف مع دخول الصفويين.


أما المدارس التي بنيت اخيرا وفي السنين القريبة فقد تغيرت هندسة البناء فيها تغييرا كبيرا كما تبدلت مواد البناء ولم يعد الآجر والجص والخشب هو المقوم الاول في البناء وانما صار للسمنت و(الكونكريت) والحديد الاهمية


الكبرى في تشييد المدرسة وزاد عدد الطوابق من طابقين الى ثلاثة اواربعة، وتبنى هذه الغرف متصلة بعضها ببعض في الجهات الاربع كما هو الحال في البناء القديم ولكن كثرة الشبابيك والنوافذ من اهم مميزات المدارس العلمية الحديثة.


وقد روعي في تصاميم المدارس الجديدة بناء قاعة للدرس والمحاضرات وبناء مكتبة خاصة، وتخصيص مسجد للصلاة بالاضافة الى الحمامات والمغاسل الحديثة مما لم يكن لها وجود في ابنية المدارس القديمة.


أما المدارس الحكومية فلها طراز خاص يختلف عن طراز المدارس الدينية فهي لا تلتزم بالبناء في جميع اطراف الساحة وانما تتخذ جانبا واحدا تبنى فيه الغرف متقابلة على الغالب يفصل الصفين المتقابلين ممر عريض وهكذا يكون الطابق الثاني، اوأنها تبنى صفا واحدا من الغرف وتقيم الطابق الثاني على نسقه وتخص جوانب من البناء لقاعة المحاضرات والمختبرات وتبعد عنها المغاسل في جانب آخر من المدرسة وفضلا عن هذا فان هندسة البناء في المدارس الحكومية للعلوم الحديثة ليست متقاربة في التصميم مثل هذا التقارب الملحوظ في هندسة المدارس الدينية حتى ليكاد يكون لكل مدرسة عصرية شبه تصميم مستقل يفرضه موقع المدرسة وحاجتها.


ينظر: موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي ج7 ص118-127


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأحلام للشيخ علي الشرقي ص ٤١.


(2) حديث الجامعة النجفيةــ لمحمد رضا شمس الدين ص ٧-٨.


(3) رحلة ابن بطوطة ج ١ ص ١٠٩.


(4) عنوان الشرف ج ١ ص ٥٩.